الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
9112 - (منى مناخ من سبق) من الحاج وغيرهم قال الطيبي: جملة مستأنفة لبيان موجب عدم البناء فيها أي ليس مختصاً بأحد إنما هو موضع العبادات من رمى وذبح وحلق وغيرها فلا يجوز البناء فيها لأحد لئلا يكثر بها البناء فتضيق على الحاج وهي غير مختصة بأحد بل هي موضع للمناسك ومثلها عرفة ومزدلفة قال ابن العربي: هذا الحديث يقتضي بظاهره أنه لا استحقاق لأحد بمنى إلا بحكم الإناخة بها لقضاء النسك ثم بنى بعد ذلك بها لكن في غير موضع النسك ثم أخربت قال: ورأيت بمدينة السلام يوم الجمعة كل أحد يأتي بحصير أو خمرة بفرشها فإذا دخل الناس تحاموها فأنكرته وقلت لفخر الإسلام الشاشي أيتخذ المسجد وطناً أو سكناً قال: لا بل إذا وضع مصلاه كان أحق به لحديث منى مناح من سبق فإذا نزل بمنى برحله ثم خرج لحاجته ليس لغيره نزع رحله قال ابن العربي: وذا أصل في جواز كل مباح للانتفاع به دون الاستحقاق والتملك. - (ت ه ك) في الحج (عن عائشة) قالت: يا رسول اللّه ألا نبني لك بناء بمنى يظلك؟ قال: لا، ثم ذكره قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الترمذي: حسن قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وعندي أنه ضعيف لأن فيه مسكة أم يوسف لا يعرف حالها ولا يعرف روى عنها غير ابنها اهـ. 9113 - (مناولة المسكين) أي إعطاؤه الصدقة (تقي ميتة السوء) أي الموت مع الإصرار على معصية أو قنوط من رحمه [ص 245] أو حرق أو لدغ أو نحوها. بين به أن أفضل أنواع كيفيات التصدق وأعلاها المناولة وذلك لأن اللّه تفضل على هذه الأمة بأخذ صدقاتهم بيده كما مرّ في أخبار ولم يكله إلى ملائكته ولا لأحد من خلقه {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} فلذلك ندب أن يتولى المتصدق المناولة وكان فضلها عظيماً. - (طب هب والضياء عن الحارث بن النعمان) كان قد عمي فاتخذ خيطاً في مصلاه بحجرته فيه صدقته فإذا جاء مسكين جره فناوله منه فيقول أهله نكفيك فيقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه. 9114 - (منبري هذا على ترعة من ترع الجنة) أي موضع بعينه في الآخرة هناك أو المراد أن التعبد عنده يورث الجنة فكأنه قطعة منها وقول البعض المراد منبر هناك يبعده اسم الإشارة وأقول: جاء في رواية لأحمد والطبراني تفسير الترعة بالباب عن بعض الصحابة. - (حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ومن ثم رمز المصنف لصحته. 9115 - (منعني ربي أن أظلم معاهداً ولا غيره) فالمعاهد والمؤمن لا يجوز التعرض له نفساً وعضواً ومالاً ما دام عقد الأمان والمعاقدة باق ولذلك شروط وأحكام مبنية في كتب الفروع. - (ك عن عليّ) أمير المؤمنين. 9116 - (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا) النهمة شدة الحرص على الشيء ومنه النهم من الجوع كما في النهاية قال الطيبي: إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان لا يشبعان استعارة لعدم انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيهاً، جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من المتعارف، ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم ومن ثم أمر اللّه رسوله بقوله - (عد) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك، ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال: محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء منكرة اهـ. ومن ثم قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. 9117 - (موالينا منا) في الاستنان بسنتنا والاحترام والإكرام لاتصالهم بنا فليس المراد أنه يحرم عليهم أخذ الزكاة كما قيل. - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه مسلم بن سالم ويقال ابن مسلمة بن سالم ضعفه أبو داود [ص 246] وغيره ووثقه ابن حبان وهذا حديث رواه أيضاً ابن قانع في معجمه من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده بلفظ "مولانا منا وابن أخينا منا وحليفنا منا". 9118 - (موت الغريب) وفي رواية موت الغربة (شهادة) أي في حكم الآخرة زاد في الفردوس وإنه إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه ويساره فلم ير إلا غريباً وذكر أهله وولده فيتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو اللّه عنه ألفي ألف سيئة ويكتب له ألفي ألف حسنة اهـ قال البغدادي: وهذا فيمن تغرب لقربة أو مباح كتجارة فمات غريباً متوحشاً عن مؤانس متحسراً في وحدته مستسلماً في نفسه مسلماً إلى ربه فيما ينزل به فهو شهيد لصعوبة ما حل به. - (ه) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) وفيه الهذيل بن الحكم قال في الميزان: قال ابن حبان والبخاري: منكر الحديث جداً قال: ومن مناكيره هذا الحديث وقال ابن حجر: حديث ضعيف لأنه يعني ابن ماجه أخرجه من طريق الهذيل بن الحكم عن ابن أبي رواد عن عكرمة والهذيل قال البخاري: منكر الحديث وزعم عبد الحق أن الدارقطني صححه فتعقبه ابن القطان فأجاد اهـ. وسبقه له البيهقي فقال عقب تخريجه في الشعب: أشار البخاري إلى تفرد الهذيل به وقال: هو منكر الحديث اهـ. وقال المنذري: قد جاء في أن موت الغريب شهادة جملة من الأحاديث لا يبلغ شيء منها درجة الحسن وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأنه ورد من طرق فيتقوى بها. 9919 - (موت الفجأة) بفاء مضمومة مع المد ومفتوحة مع القصر البغتة مصدر فجاء الأمر فجأة بغتة وزعم الكرماني أنه في بعض الروايات بكسر الفاء (أخذة أسف) بفتح السين أي غضب وبكسرها والمد أي أخذه غضبان يعني هو من أثار غضب اللّه تعالى فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة ولم يمرضه ليكون المرض كفارة لذنوبه كأخذة من مضى من العصاة المردة كما قال تعالى - (ه حم د) في الجنائز (عن عبيد) بالتصغير (ابن خالد) السلمي البهربي شهد صفين مع علي وأدرك زمن الحجاج قال الأزدي: له طرق في كل منها مقال ولم يصح منها حديث اهـ وقال المنذري: حديث عبيد هذا رجاله ثقات اهـ ولعله مستند المصنف في إشارته لحسنه لكن ظاهر كلام ابن حجر توهينه فإنه لما نقل عن ابن رشيد أن في إسناده مقالاً أقره وسكت عليه لكنه قال في تخريج المختصر: إسناده صحيح قال: وليس في الباب حديث صحيح غيره. 9120 - (موت الفجأة راحة للمؤمن) أي المتأهب للموت المراقب له فهو غير مكروه في حقه بخلاف من هو على غير استعداد منه كما أشار إليه بقوله (وأخذة أسف للفاجر) أي الكافر أو الفاسق لما ذكر وقد مات إبراهيم الخليل صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا مرض كما بينه جمع وقال ابن السكن الهجري توفي إبراهيم وداود وسليمان عليهم السلام فجأة قال: وكذلك الصالحون وهو تخفيف عن المؤمن قال النووي في تهذيبه بعد نقله ذلك: قلت هو تخفيف ورحمة في حق المراقبين وقال في الإحياء: وهو تخفيف إلا لمن ليس مستعداً للموت لكونه مثقل الظهر . <فائدة> يسمى موت الفجأة الموت الأبيض قال الزمخشري: ومعنى بياضه خلوه عما يحدثه من لا يعافص من توبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته وهو من الأضداد. - (حم هق عن عائشة) وفيه قصة قال الهيثمي: وفيه عبد اللّه بن الوليد الوصافي وهو متروك وقال ابن حجر: حديث غريب فيه صالح بن موسى وهو ضعيف لكن له شواهد. [ص 247] 9121 - (موتان الأرض) يعني مواتها الذي ليس بمملوك (للّه ورسوله فمن أحيا شيئاً منها فهو له) وإن لم يأذن الإمام مطلقاً عند الشافعي، وشرطه أبو حنيفة مطلقاً، وقال مالك: إن تسامح الناس فيه لقربه من العمران لم يشترط وإلا شرط. - (هق عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي: تفرد بوصله معاوية بن هشام قال الذهبي: قلت هذا مما أنكر عليه اهـ. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في رمزه لحسنه. 9122 - (موسى بن عمران صفي اللّه) أي اصطفاه اللّه برسالته وخصه بكلامه والكلام خصوصية اختص بها من بين الأنبياء والرسل لم يشاركه فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب وأصل الصفي ما يصطفيه الرئيس لنفسه دون أصحابه وجمعه صفايا قال الشاعر: لك المرباع منها والصفايا * وحكمك والنشيطة والفصول - (ن عن أنس) بن مالك، ورواه عنه أيضاً الديلمي وغيره. 9123 - (موضع سوط في الجنة) خص السوط بالذكر لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول في منزل أن يلقى سوطه قبل أن ينزل معلماً بذلك المكان الذي يريده لئلا يسبقه إليه أحد (خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة مع نعيمها لا انقضاء لها والدنيا مع ما فيها فانية وهذا في محل سوط فما الظن بأعلى ما فيها وهو النظر إلى وجه اللّه الكريم الذي ينسي في لذته كل نعيم - (خ ت ه عن سهل بن سعد) الساعدي (ت عن أبي هريرة). 9124 - (مولى القوم) أي عتيقهم قال ابن حجر: المراد بالمولى هو المعتق بفتح المثناة وأما المولى من أعلى فلا يرد هنا وقال النووي في التهذيب: في هذا الحديث سواء كان مولى عتاقة وهو الأكثر أو مولى حلف ومناصرة أو مولى إسلام بأن أسلم على يد واحدة من قبيلة كالبخاري مولى الجعفيين أسلم على يد أحدهم وقد ينسبون إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب الهاشمي مولى شقران مولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم (من أنفسهم) أي ينتسب نسبتهم ويرثونه إن كان مولى عتاقة فالمعتق يرث العتيق بالعصوبة إذا فقد عصبة النسب فإن لم يكن مولى عتاقة فالمراد من أنفسهم في الإكرام والاحترام وقيل المراد من أنفسهم في حكم الحل والحرمة كمولى القرشي لا تحل له الصدقة وقيل القصد بذلك جواز نسبة العبد إلى مولاه بلفظ النسبة. - (خ) في الفرائض ووهم من زعم أنه ليس فيه (عن أنس) وفيه قصة وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به إمام الفن عن صاحبه وليس كذلك ففي الفردوس اتفقا على إخراجه ورواه أيضاً أحمد. 9125 - (مولى الرجل أخوه وابن عمه) المولى الرب والمالك والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والصهر والمعتق وقد جاء أكثرها في الأخبار فينزل على كل ما يليق به. - (طب عن سهل بن حنيف) رمز لحسنه وفيه يحيى بن يزيد قال الذهبي: ضعيف. 9126 - (مهنة إحداكن) بفتح الميم وتكسر خدمتها قال الزمخشري: والكسر عند الإثبات خطأ وفي رواية إلى إحداكن [ص 248] (في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء اللّه) أي فضله وثوابه عند اللّه. - (ع) وكذا البيهقي (عن أنس) بن مالك، قال: جئن النساء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلن ذهب الرجال بالفضل والجهاد فذكره. قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان: روح أي أحد رجاله يروي عن الثقات الموضوعات لا تحل الرواية عنه. 9127 - (ميامن الخيل في شقرها) أي بركتها في الأحمر الصافي منها والشقرة حمرة صافية وبقيته عند مخرجيه أبي الشيخ والطيالسي وأيمنها ناصية ما كان واضح الجبين محجل ثلاث قوائم طلق اليد اليمنى اهـ بنصه. - (الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي. 9128 - (ميتة البحر حلال وماؤه طهور) هو بمعنى خبر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وفيه أن ما لا يعيش إلا في البحر من جميع أنواع الحيوان ميتتها طاهرة يحل أكلها ولو بصورة كلب وخنزير. - (قط ك) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده عبد اللّه (بن عمرو) بن العاص قال ابن حجر: هو من طريق المثنى عن عمر والمثنى ضعيف اهـ. وقال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه المثنى بن الصباح لينه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن عياش لكن توبع. *2* 9129 - (الماء) زاد في رواية أبي داود طهور (لا ينجسه شيء) هذا متروك الظاهر فيما إذا تغير بالنجاسة اتفاقاً رخصه الشافعية والحنابلة بمفهوم خبر أبي داود وغيره "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً" فينجس ما دونها بكل حال، وأخذ مالك وجمع بإطلاقه فقالوا: لا ينجس الماء إلا بالتغير وأل في قوله الماء للاستغراق أو للعهد أو الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة ويعلم حكم غيره بطريق الأولى أو لبيان الجنس أي أن هذا هو الأصل في الماء وقوله طهور بفتح الطاء على المشهور لأن المراد به الماء. قال ابن العراقي: في أصل سماعنا ولا ينجسه شيء بالواو وفي الرواية الأخرى بحذفها والأولى تدل على أن قوله لا ينجسه شيء ليس تفسيراً لقوله الماء طهور بل حكم على الماء بأمرين بكونه طهوراً وبكونه لا ينجسه شيء ولا يلزم من الطهورية عدم التنجس. - (طس عن عائشة) وقضية كلام المؤلف أنه لم يخرجه أحد في الكتب الستة وهو عجيب فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن أبي سعيد الخدري ولفظه مررت بالنبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهو يطرح فيها ما يكره من النتن فقال "الماء لا ينجسه شيء" وهو حديث حسنه اليعمري وغيره ورواه عنه أبو داود بلفظ: "الماء طهور لا ينجسه شيء". قال الولي العراقي بعد ما حكى اختلاف الناس فيه: والحديث صحيح ورواه أحمد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، والدارقطني عن سهل بن سعد يرفعه ورمز المؤلف لحسنه. 9130 - (الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه) أو على لونه قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الماء قل أو كثر إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته لوناً أو طعماً أو ريحاً فهو نجس. <تنبيه> ذكر ابن سراقة في الأعداد وأبو سعيد النيسابوري في شرف المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم أن من خصائص نبينا صلى اللّه عليه وسلم جعل الماء مزيلاً للنجاسة وأن كثير الماء لا يؤثر فيه الخبث والاستنجاء بالجامد. - (قط) من حديث راشد (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قال مخرجه الدارقطني: لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي، والصواب من قول راشد، [ص 249] وأسنده محمد الغضيضي عن أبي أمامة وهو مجهول اهـ. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال ابن حجر: فيه رشدين بن سعد متروك. قال ابن يونس: كان صالحاً أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث ورواه ابن ماجه والطبراني وفيه رشدين أيضاً. 9131 - (المائد في البحر) اسم فاعل من ماد يميد إذا دار رأسه من غثيان معدته بشم ريح البحر قال تعالى - (د) في الجهاد (عن أمّ حرام) بفتح الحاء والراء رمز لحسنه وفيه هلال بن ميمون الرملي قال أبو حاتم: غير قوي. 9132 - (المؤذن يغفر له مدى صوته) أي غاية صوته، يعني يغفر له مغفرة طويلة عريضة على طريق المبالغة أي يستكمل مغفرة اللّه إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، وقيل تغفر خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجساماً ملأت ما بين الجوانب التي يبلغها ومدى على الأول نصب على الظرف وعلى الثاني رفع على أنه أقيم مقام الفاعل (ويشهد له كل رطب) أي نام (ويابس) أي جماد (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) أي ما بين الأذان إلى الأذان قال أبو البقاء: الجيد عند أهل اللغة مدى صوته وهو ظرف مكان، وأما مد صوته فله وجه وهو يحتمل شيئين أحدهما أن يكون تقديره مسافة مد صوته، الثاني أن يكون بمعنى المكان أي امتداد صوته وهو منصوب لا غير، وفي المعنى على هذا وجهان أحدهما لو كانت ذنوبه تملأ هذا المكان لغفرت له، الثاني يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان يقدر بهذه المسافة، وقال التوربشتي: قوله مدى صوته أي غايته وفيه حث على استفراغ الجهد في رفع الصوت بالأذان، وقال البيضاوي: غاية الصوت يكون أخفى لا محالة فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه همس صوته فلأن يشهد له من هو أدنى منه وسمع مبادئ صوته أولى قال الطيبي: قوله وشاهد إلخ عطف على قوله المؤذن يغفر له، وفيه إشعار بأن الجملة الثانية مسببة عن الأولى وأن العطف بيان لحصول الجملتين في الوجود وتفويض ترتب الثانية موكول إلى ذهن السامع الذكي والثانية وإن كانت متأثرة عن الأولى ومسببة عنها بهذا الاعتبار كذلك الأولى متأثرة من الثانية باعتبار مضاعفة الثواب وإليه أشار من قال يغفر للمؤذن لأن كل من سمعه أسرع إلى الصلاة ثم غفرت خطاياه للصلاة المسببة لندائه فكأنه لأجل إسراع الشاهد قد غفر للمؤذن فالضمير المجرور في له للشاهد لا للمؤذن كما ظن ويشهد له خبر "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً". - (حم د ن ه حب) كلهم في الأذان من حديث أبي يحيى (عن أبي هريرة) قال الصدر المناوي: وأبو يحيى هذا لم ينسب فيعرف حاله. 9133 - (المؤذن يغفر له مدى صوته وأجره مثل أجر من صلى معه) قال ابن عربي: والمؤذنون أفضل جماعة دعت إلى اللّه عن أمر اللّه ورسوله ولولا رفق المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم بأمته لأذن فإنه لو أذن وتخلف عن إجابته من سمعه إذا قال حي علي الصلاة عصى - (طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف. [ص 250] 9134 - (المؤذن المحتسب) أي الذي أراد بأذانه وجه اللّه وثوابه (كالشهيد) أي المقتول في معركة الكفار (المتشحط في دمه) زاد في رواية للطبراني أيضاً يتمنى على اللّه ما يشتهي به الأذان والإقامة (إذا مات لم يدود في قبره) أي لم يقع فيه الدود وكذا في الفردوس قال القرطبي: ظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض كالشهيد. - (طب عن ابن عمرو) بن العاص وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه إبراهيم بن رستم ضعفه ابن عدي ووثقه غيره وفيه أيضاً من لا يعرف ترجمته اهـ. وأقول: فيه أيضاً سالم الأفطس قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويتفرد بالمعضلات. 9135 - (المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) أي وقت الأذان منوط بنظر المؤذن العدل العارف فلا يحتاج فيه لمراجعة الإمام لأنه الراصد للوقت ووقت الإقامة منوط بنظر الإمام لكن لو أذن غير المؤذن بدون إذنه أو أقام غير الإمام بغير إذنه اعتد به. - (أبو الشيخ [ابن حبان]) ابن حبان (في) كتاب فضل (الأذان عن أبي هريرة) رمز لحسنه ينظر في قول الشيخ عن أبي هريرة فإن الحافظ ابن حجر ذكر أن أبا الشيخ خرجه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر قال: وفيه مبارك بن عباد ضعيف وذكر أن الذي رواه عن أبي هريرة ابن عدي ويحتمل أن أبا الشيخ خرجه عن صحابيين لكني لم أره ورواه البيهقي عن علي موقوفاً قال: ورفعه غير محفوظ وقال الذهبي: بل لا يصح. 9136 - (المؤذنون) جمع سلامة للمؤذن (أطول الناس أعناقاً) بفتح الهمزة جمع عنق (يوم القيامة) أي أكثرهم تشوفاً إلى رحمة اللّه لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما تشوف إليه أو يكونون سادة والعرب تصف السادة بطول العنق أو معناه أكثر ثواباً يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه أو أكثر جماعات يقال جاء في عنق من الناس أي جماعة ومن أجاب دعوة المؤذن يكون معه أو أكثر الناس رجى لأن من رجى شيئاً طال إليه عنقه والناس حين الكرب يكون المؤذنون أكثرهم رجاءاً ومد العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن وعليه اقتصر القاضي حيث قال: تعديل عنق الرجل وطوله كناية عن فرحه وعلو درجته وإناقته على غيره كما أن حنو القدر واطمئنانه وخضوع العنق وانكساره يعبر به عن الحيرة والهوان والهم، أو المراد أنه إذا وصل العرق إلى الأفواه طالت أعناق المؤذنين حقيقة لشلا ينالهم ذلك وروي إعناقاً بكسر الهمزة أي أشدهم إسراعاً إلى الجنة من سار العنق. - (حم م ه) في الإيمان (عن معاوية) ولم يخرجه البخاري قال المصنف: هذا متواتر. 9137 - (المؤذنون أمناء المسلمين على فطورهم وسحورهم) لأنهم بأذانهم يفطرون من صيامهم وبه يصلون فحق عليهم أن يفرغوا جهدهم ويبذلوا وسعهم في تحرير دخول الوقت حذراً من فطر الصائم قبل الغروب وصلاة المصلي قبل دخول الوقت فمن قصر في ذلك فهو من الخائنين المبغوضين إلى اللّه وعليه إثم من عمل بقضية أذانه إلى يوم القيامة. - (طب عن أبي محذورة) المؤذن رمز لحسنه قال ابن حجر: في سنده يحيى الحماني مختلف فيه وقال الهيثمي: سنده حسن. 9138 - (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم) أي يتبعونهم ويعتمدون على أذانهم (وحاجتهم) المراد به حاجة الصائمين إلى الإفطار واشتغال المنوطة بأوقات الصلاة ذكره الرابعي قال: وقد يحتج به لندب العدالة في المؤذن لأنه سماه أميناً واللائق بحال الأمين كونه عدلاً. - (هق عن الحسن) البصري (مرسلاً) ورواه عنه أيضاً إمام الأئمة الشافعي. [ص 251] 9139 - (المؤمن يأكل في معي) بكسر الميم مقصور مصران (واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) قيل ذا خاص بمعاء رجل قيل هو نضلة الغفاري وقيل غيره فاللام عهدية وقيل عام وهو تمثيل لكون المؤمن يأكل بقدر ما يمسك رمقه ويقوى به على الطاعة فكأنه يأكل في معاء واحد والكافر لشدة حرصه كأنه يأكل في أمعاء كثيرة فالسبعة للتكثير قال القرطبي: وهذا أرجح أو المؤمن يأكل للضرورة والكافر يأكل للشهوة أو المؤمن يقل حرصه وشرهه على الطعام ويبارك له في مأكله ومشربه فيشبع من قليل والكافر شديد الحرص لا يطمح بصره إلا للمطاعم والمشارب كالأنعام فمثل ما بينهما من التفاوت كما بين من يأكل في وعاء ومن يأكل في سبعة وهذا باعتبار الأعم الأغلب ولعلك إن وجدت مسلماً أكولاً ولو فحصت وجدت من الكفار من تفضل نهمته أضعافاً مضاعفة وقيل أراد بالسبعة صفات سبع الحرص والشره وبعد الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن وقيل شهوات الطعام سبع شهوة النفس وشهوة العين وشهوة الفم وشهوة الأذن وشهوة الأنف وشهوة الجوع وهي الضرورة وهي التي يأكل بها المؤمن قال بعض الصحابة: وددت لو جعل رزقي في حصاة ألوكها حتى أموت أو المراد المؤمن الكامل الإيمان لأن شدة خوفه وكثرة تفكره تمنعه من استيفاء شهوته أو المؤمن يسمى فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل بخلاف الكافر وقال ابن العربي: السبعة كناية عن الحواس الخمس والشهوة والحاجة وفيه حث على التقلل من الدنيا والزهد والقناعة بما تيسر وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يمتدحون بقلة الأكل ويذمون كثرته وقال الغزالي: المعاء كناية عن الشهوة فشهوته سبعة أمثال شهوة المؤمن. - (حم ق ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب (حم م عن جابر) بن عبد اللّه (حم ق ه عن أبي هريرة (م ه عن أبي موسى) قال المصنف: والحديث متواتر. 9140 - (المؤمن) وفي رواية المسلم (يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء) قال أبو حاتم السجستاني: المعاء مذكر ولم أسمع من أثق به يؤنثه، وهذا الحديث يأتي فيه من التوجيه ما ذكر فيما قبله، قال ابن عبد البر: ولا سبيل إلى حمله على ظاهره لأن المشاهدة تدفعه فكم من كافر يكون أقل أكلاً وشرباً من مسلم وعكسه وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله وشربه، وقيل ليست حقيقة العدد مرادة بل المراد التكثير وأن من شأن المؤمن التقلل من الأكل والشرب لشغله بأسباب العبادة وعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل والشرب ما يمسك الرمق ويعين على التعبد والكافر لا يقف مع مقصود الشرع بل هو تابع لشهوته مسترسل في لذته غير خائف من تبعات الحرام فلذلك صار أكل المؤمن إذا نسب إلى أكل الكافر وشربه بقدر السبع منه ولا يلزم منه الاطراد فقد يوجد مؤمن يأكل ويشرب كثيراً لعارض مرض أو نحوه ويكون في الكفار من يأكل قليلاً لمراعاة الصحة على رأي الأطباء أو الرياضة على رأي الرهبان أو لعارض كضعف معدة. - (حم م ت عن أبي هريرة). 9141 - (المؤمن مرآة المؤمن) أي يبصر من نفسه بما لا يراه بدونه ولا ينظر الإنسان في المرآة إلا وجهه ونفسه ولو أنه جهد كل الجهد أن يرى جرم المرآة لا يراه لأن صورة نفسه حاجبة له، وقال الطيبي: إن المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه كالمرأة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ولو كان أدنى شيء فالمؤمن إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء حاله تعريفات وتلويحات فإذا ظهر له منه عيب قادح كافحه فإن رجع صادقه، وقال العامري: معناه كن لأخيك كالمرآة تريه محاسن أحواله وتبعثه على الشكر وتمنعه من الكبر وتريه قبائح أموره بلين في خفية تنصحه ولا تفضحه [ص 252] هذا في العامة أما الخواص فمن اجتمع فيه خلائق الإيمان وتكاملت عنده آداب الإسلام ثم تجوهر باطنه عن أخلاق النفس ترقى قلبه إلى ذروة الإحسان فيصير لصفائه كالمرآة إذا نظر إليه المؤمنون رأوا قبائح أحوالهم في صفاء حاله وسوء آدابهم في حسن شمائله. - (طس والضياء) وكذا البزار والقضاعي (عن أنس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني والبزار: وفيه عثمان بن محمد من ولد ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال ابن القطان: الغالب على حديثه الوهم وبقية رجاله ثقات. 9142 - (المؤمن مرآة المؤمن) فأنت مرآة لأخيك يبصر حاله فيك وهو مرآة لك تبصر حالك فيه فإن شهدت في أخيك خيراً فهو لك وإن شهدت غيره فهو لك وكل إنسان مشهده عائد عليه ومن ثم قالوا: من مشهدك يأتيك روح مددك (والمؤمن أخو المؤمن) أي بينه وبينه أخوه ثابتة بسبب الإيمان - (خد د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: إسناده حسن. 9143 - (المؤمن للمؤمن) اللام فيه للجنس والمراد بعض المؤمنين لبعض (كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إلا بمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه (يشد بعضه بعضاً) بيان لوجه التشبيه وبعضاً منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضاً مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيهاً لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضاً وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه ويعاتبه ذكره الحرالي، وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه. <تنبيه> قال الراغب: إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث. - (ق) في الأدب (ت ن) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري. 9144 - (المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) يعني المؤمن من حقه أن يكون موصوفاً بذلك (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) قالوا: وذا من جوامع الكلم . <فائدة> خرج الحكيم الترمذي عن أبي سعيد مرفوعاً: المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاء - (ه عن فضالة بن عبيد) ورواه عنه أيضاً الترمذي وحسنه فرمز المصنف لحسنه. 9145 - (المؤمن يموت بعرق الجبين) أي عرق جبينه حال موته علامة إيمانه، لأنه إذا جاءته البشرى مع قبيح ما جاء به خجل واستحيى فعرق جبينه لأن أسافله ماتت وقوة الحياة فيما علا والحياء في العينين وذلك وقت البشرى وانكشاف الغطاء والكافر في عمى عن ذلك وقال ابن العربي: معناه أن المؤمن الذي يهون عليه الموت لا يجد من شدته إلا بقدر ما يفيض جبينه ويتفصد اهـ ويؤيد الأول ما أخرج الحكيم عن سلمان أنه قال عند موته سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول أرقب الميت عند موته ثلاثاً فإن رشح جبينه وذرفت عيناه فهو رحمة نزلت به وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقه فهو عذاب. - (حم ت ن ه ك عن بريدة) رمز لحسنه قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح واعترضه الصدر المناوي بأن قتادة رواه عن عبد اللّه بن بريدة ولا يعرف له سماعاً منه كما قاله الترمذي. 9146 - (المؤمن يألف) لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه وفي رواية ألف مألوف والألف اللازم للشيء فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان قال الطيبي: وقوله المؤمن ألف يحتمل كونه مصدراً على سبيل المبالغة كرجل عدل أو اسم كان أي يكون مكان الألفة ومنتهاها ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه والألفة سبب للاعتصام باللّه وبحبله وبه يحصل الإجماع بين المسلمين وبضده تحصل النفرة بينهم وإنما تحصل الألفة بتوفيق إلهي لقوله سبحانه - (حم عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اهـ ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة باللفظ المزبور وقال: على شرطهما ولم أعلم له علة اهـ وتعقبه الذهبي بأنه معلول وعلته انقطاعه فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي ولم يلق أبا صخر الأشجعي ولا المديني لقي أبا هريرة. 9147 - (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) قال الماوردي: بين به أن الإنسان لا يصلح حاله إلا الألفة الجامعة فإنه مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفاً مألوفاً تختطفه أيدي حاسديه وتحكم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة ولم تصف له مدة وإذا كان ألفاً مألوفاً انتصر بالألف على أعاديه وامتنع بهم من حساده فسلمت نعمته منهم وصفت مودته بينهم وإن كان صفو الزمان كدراً ويسره عسراً وسلمه خطر والعرب تقول من قل ذل اهـ. - (قط في الإفراد والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد اللّه. 9148 - (المؤمن يغار واللّه أشد غيراً) بفتح الغين وسكون الياء وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيره العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم وعليه يحمل ما وقع لكثير من العظماء فمن ذلك ما رواه [ص 254] أحمد أن علياً كرم اللّه وجهه دعا على رجل فعمي فوراً ومطرف بن الشخير دعا على من كذب عليه فخر مكانه ميتاً. - (م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه ففي مسند الفردوس أن البخاري خرجه عن أبي سلمة. 9149 - (المؤمن غر) أي يغره كل أحد ويغره كل شيء ولا يعرف الشر وليس بذي مكر ولا فطنة للشر فهو ينخذع لسلامة صدره وحسن ظنه وينخدع لانقياده ولينه (كريم) أي شريف الأخلاق (والفاجر) أي الفاسق (خب لئيم) أي جريء، فيسعى في الأرض بالفساد فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلاً والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر وليس ذا منه عقلاً والخب بفتح الخاء المعجمة الخداع والساعي بين الناس بالفساد والشر وقد تكسر خاؤه فأما المصدر فبالكسر لا غير وقال الراغب: الخب استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية صغيرها وكبيرها.
|